لكي تكون العلاقة بين الزوجين واضحة المعالم وحتى لا يكون هناك أدني غموض أو التباس في تحديد المسؤوليات والواجبات، رسم الإسلام حدود هذه العلاقة وأقام أساسها على مبادئ جعلت للزوجين بمقابلها حقوقاً مشتركة، فما هي تلك الحقوق كما وردت في القرآن والسنة؟.
للإجابة عما سبق يقول فضيلة الدكتور طه أبوكريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية: أمر الله تعالي عباده بالوفاء بالعقود بجميع أنواعها، فقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]، ومن أغلظ العقود عقد النكاح، ولذلك قال الله عنه: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} [النساء:21].
ومن موجبات الوفاء بعقد النكاح أداء الحقوق بين الزوجين، فالزوج ملزم بذلك والزوجة ملزمة به كذلك، وهذه الحقوق تتنوع بحسب من تنسب إليه، ومن أهمها:
أولاً= حق الإستمتاع: والذي مهد التشريع الإسلامي الطريق الصحيح له في العلاقة الزوجية بل دعا إليه وحث عليه وجعل في ذلك أجراً ومثوبة حيث ثبت من الحديث قالوا يا رسول الله: أو يأتي أحدنا أهله بها أجر؟، قال صلي الله عليه وسلم: «نعم وهل إن وضعها في حرام أليس عليه وزر؟» قالوا بلي. قال «كذلك إن وضعها في الحلال له بها أجر»، وبهذا المقصد إرتفعت الشريعة بالعلاقة الزوجية عن الشهوة الحيوانية المجردة فكان الحب والوئام مصدرين من مصادر السكن والإنسجام حيث قال تعالي: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم:21].
ثانياً= المعاشرة بالمعروف: فلكل من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف، مصداقًا لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228]، والمقصود من قوله سبحانه: {بِالْمَعْرُوفِ}، هو العطاءً بلا منٍّ، والبذل للمودة والرحمة والمحبة، ومعاملةً حسنةً من كلا الطرفين للآخر، وحسن الحديث حيث قال تعالي: {وقولوا للناس حسناً} وإحترام الرأي فيما تقتضيه الحياة الزوجية من أسباب السعادة والإطمئنان.
ثالثاً= ثبوت النسب: فهو من الغايات السامية التي يرنو إليها الزواج من بقاء النوع الإنساني عن طريق شرعي، فالأولاد هم ثمرة الحياة الزوجية، فأوجبت الشريعة نسب كل فرد لأبيه حتي لا تختلط الأنساب وتضيع الأولاد فيتربون في ظل محبة وحنان وفي كفالة الأبوين حيث قال تعالي: {وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة:233]، وقد أمر صلي الله عليه وسلم الآباء بأن ينسبوا أولادهم إليهم ونهاهم عن إنكار أبوتهم حيث قال صلوات الله وسلامه عليه: «أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه إحتجب الله منه يوم القيامة وفضحه علي رءوس الأشهاد».
رابعاً= حرمة المصاهرة: وهي الحقوق المشتركة والتي معناها علاقة الرجل والمرأة بسبب الزواج تقتضي تحريم الزواج بنوع معين من النساء، والمحرمات من النساء بسبب المصاهرة أربعة:
الأولي بنات الزوجات وهي المسماة بالربيبة وهي التي تربت في حجر زوج أمها وتحرم بذلك بنات الربائب وبنات أولادهن وإن نزلن.
والثانية: أم الزوج وأم ابنها أو أم الزوجة وجدتها من قبل أبيها أو أمها وإن علون نسباً ورضاعة سواء دخل العاقد بالزوجة أو لم يدخل متى كان العقد صحيحاً عند الجمهور حيث قالوا: العقد علي البنت يحرم الأم.
والثالثة: زوجة الإبن وابن الإبن وإن نزل سواء كان الإبن صلباً أو من الرضاع، فزوجة الإبن محرمة علي أبيه دخل بها أو لم يدخل حيث قال تعالي: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} [النساء:23]، وتعبيره سبحانه وتعالي بقوله {من أصلابكم} لإسقاط تحريم زوجة الإبن بالتبني.
والرابعة: زوجة الأب والجد وإن علا من نسب أو رضاع حيث قال تعالي: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً} [النساء:22].
خامساً= ثبوت التوارث بين الزوجين: فقد أصبح لكل من الزوجين -بموجب الزوجية- حقٌّ في مال الآخر، وهذا بلا شك طبيعي لما في الحياة الزوجية من المشاركة والود والوئام.
الكاتب: نورا عبدالحليم.
المصدر: جريدة الأهرام اليومى.